-A +A
خالد بن علي القرني
الحياة التي يعيشها الإنسان مليئة بالكثير من التجارب والأحداث والخبرات التي قد تسعده أحيانا وقد تجرحه وتؤلمه أحيانا أخرى، ومن أشد المواقف الجارحة التي تجعل الإنسان يشعر بالألم ويتجرع المرارة والأسى عندما يكتشف أن ما تلقاه من صفعات غادرة وضربات قاسية موجعة تحاك بخبث وتبيت بليل؛ بهدف الإيذاء أو الإضرار به بأي وسيلة كانت لم تكن إلا من أحب الناس وأقربهم إليه، بل ممن اصطفاهم الإنسان أخلاء وأصفياء أوفياء، بل إن الأكثر إيلاما وقسوة من ذلك إذا كانت هذه الفئة قد نالت من الإحسان والأيادي البيضاء والمواقف المشرفة الشيء الكثير، إلا أنها لم تجد سبيلا لرد الفضل والمعروف وحسن الصنيع والأيادي البيضاء إلا النكران والجحود والغدر، ولم يجدوا لحفظ المحبة والمودة وطيب المعشر إلا الإساءة والإيذاء وحبك المكائد في الخفاء، وهم يظنون في ظاهر الأمر أن في فعلهم شيئا من الوجاهة والبطولة والدهاء، على أنهم في بواطن أنفسهم يدركون ما ينطوي عليه فعلهم وصنيعهم من خسة ولؤم ودناءة.
على أن من نالتهم سهام الإيذاء والمكائد وصفعات الغدر بالرغم من ألمهم وصدمتهم، إلا أنهم اكتسبوا الفعل الجميل والذكر الحسن في الدنيا والثواب والأجر من الله في الآخرة، كما أن أهل الجحود والنكران مفضوحون في الدنيا تفوح منهم رائحة الغدر والخديعة وينبذهم الناس، كما أن لهم في الآخرة حسابا عظيما.

خاتمة :
للشافعي رحمه الله:
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات